-عتب علينا البعض حين كنّا نحذّر ممّا كان يُعدّ للسويداء، وفي السويداء، ودافع هذا البعض عن السويداء يومها بعقليّة ليست لها علاقة بمستوى المواطنة، معتبراً أن السويداء أكبر من أن تكون مرتّعاً للفوضى، وأنّ أهلها لا يمكن أن يكون منهم، أو فيهم، من يقبل أن يكون ملحقاً، أو تابعاً، من ملحقات وتبعات غرف الاستخبارات والسفارات السوداء، منطلقاً من روحٍ مناطقيّة وطائفيّة، لا تفيد أبداً في الدفاع عن السويداء وأهلها!!..
-والحقيقة أنّ هؤلاء جميعاً، لا يختلفون عن الشيخ الصّياصنة ومساكينه، حين ردّ علينا في بداية أحداث 2011م، بعد قولنا وتنبيهنا لأهلنا في درعا، بأن هناك “مندّسين” بينهم، وأنّ هناك غرف استخبارات كانت تستثمر في الفوضى التي تحصل في مدينة درعا، وأنّها كانت توجّهها وتدفع بها إلى مواقع وسيناريوهات أخرى!!..
-خرج علينا الشيخ الصّياصنة ومساكينه يومها، ممّن طحنتهم الفتنة، كي يدافعوا عن أهل درعا، ويتّهمونا زوراً وبهتاناً بأنّنا وصفنا أهل درعا جميعاً، بالمندسين والمخرّبين والعملاء، لكنّها لم تمرّ عليهم وعلينا فترة طويلة، حتّى ظهر ما كان يُعدّ للمحافظة، وما كان يُعدّ لسوريّة والمنطقة بكاملها!!..
-واتّضح بعد فوات الأوان، أنّه لم يكن في المحافظة مندسّون ومخرّبون فقط، وإنّما كان هناك عملاء وخونة ومرتزقة وقتلة، وهناك طائفيون ومناطقيّون وأمّيّون وجهلة، وهناك من باع وطنه وأهله وسمعته وتاريخه وتاجر بكتفيه وبندقيّته وبكلّ ما يملك، وكانت هناك خلايا استخبارات وغرف عمليات سوداء، وملايين الدولارات التي صُرفت من أجل حريق المحافظة، وأنّ هناك حكومات وملوكاً وأمراء وجيوشاً، كانت كلّها تدير معركة الجنوب، وهذه النتيجة لم نصل لها نحن، وإنّما جميع أبناء حوران اليوم يردّدونها، بألم ووجع شديدين!!..
-ما يحصل في السّويداء، ومنذ سنوات، ليس منفصلاً عمّا حصل في درعا، منذ عام 2011م، والذين دافعوا عمّا كان يحصل في السويداء سابقاً، ويشرعنونه تحت عناوين مختلفة، هم المسؤولون عن تورّط بعض أبنائنا اليوم، وهم المسؤولون عن الدماء التي نزفت والأرواح التي زُهقت، وهم الذين يضلّلون شبابنا في هذه المحافظة الغالية، كذلك بالنسبة للذين يصمتون اليوم، ويشرعنون هذه الفوضى تحت عناوين معيشيّة وخدميّة، إنّهم يساهمون بمزيد من الفوضى، وبمزيدٍ من الدماء والضحايا!!..
-هذه اللحظات العصيبة التي تمرّ على أهلنا في السّويداء، تحتاج مواقف وتحتاج عقولاً وتحتاج رجالاً قادرين على الدفاع عن أبناء المحافظة، وعن شبابها – والسويداء كريمةٌ وغنيّةٌ بهؤلاء – ليس بالبحث عن ذرائع تشرعن للبعض من أبنائنا أن يكونوا مادة استعمال في سياق هذه الفوضى، وإنّما بالكشف عن حقيقة ما يحصل، وما يُعدّ من فوضى تشتغل عليها، وتدفع إليها، أجهزة استخبارات إقليميّة ودوليّة، لا تريد لهذا الجنوب أن يستقرّ، أو أن يكون تحت سيطرة الدولة!!..
-المطلوب من أبناء السّويداء الغيارى، من القادرين على قيادة الوعي العام لأهلنا هناك – ونحن تابعنا بعض هؤلاء النشامى وهم يقومون بجزء هامٍّ من هذا الدور – المطلوب من هؤلاء ألا يبحثوا عن مبرّرٍ لأي فوضى، مهما كان العنوان الذي سيتمّ تمرير هذه الفوضى تحته، ومهما كان الشّعار الذي سيسوّقه البعض دفاعاً عن حقوقٍ أو مطالب!!..
-إنّ المقولات التي تمّ ترويجها واستغلالها، في بداية حريق درعا، حول انتزاع أظافر الأطفال، وغيرها من المقولات التي تُشعل نار الصّدور فينا جميعاً، هي مقولات كان لا بدّ من أن تكون، كي يكتمل الحريق، وكي تكتمل اللعبة تماماً، وكي تمرّ الفتنة، كذلك بالنسبة للسويداء، فإنّنا حذّرنا، ونحذّر، أنّنا سوف نسمع مقولاتٍ لا تختلف عن مقولات حريق درعا ودمارها، بالرغم من أنّ هناك معلوماتٍ أكيدة لدينا، أنّ نار الفتنة أطفأها كثيرٌ من أبناء السويداء الكرام والغيارى، في أكثر من موقع، وفي أكثر من عنوان!!..
-أهلنا في درعا ما كانوا سيّئين أو خونة أو مأجورين، وإنّما كان بينهم السيّئ والخائن والمأجور، وهذا لا يعيبنا في درعا، ولا ينال منّا أو من تاريخنا ودورنا الكبير في الذود والدفاع عن هذا الوطن الغالي، لكنّه سيبقى عاراً كبيراً بصفحة كلّ من مارس هذا الدور بالتحديد، وصفحة كلّ من خانته الرؤية والحسابات، في استغلال ما كان يحصل، وصفحة كلّ من فهم ما يحصل، لكنّه تقاعس في قيامه بدوره وواجبه الأهليّ والوطنيّ!!..
-كذلك بالنسبة لجميع المحافظات السوريّة الأخرى، وصولاً إلى السويداء الغالية، فلا يعيبها، ولا يعيب أهلنا فيها، أن يكون بينهم السيّئ والخائن والمأجور، لكنّه سيبقى عاراً كبيراً بصفحة كلّ من مارس هذا الدور بالتحديد، وصفحة كلّ من خانته الرؤية والحسابات، في استغلال ما يحصل، وصفحة كلّ من فهم ما يحصل، لكنّه تقاعس في قيامه بدوره وواجبه الأهليّ والوطنيّ!!..
-“يا سامعين الصّوت”!!..
الدولة.. وتحديداً في أجهزتها المسؤولة، تعرف كلّ ما يدور في السويداء، وكلّ ما يدور في الجنوب، وتعرف الأهداف والأبعاد والتفاصيل، ولكنّ مهمّتها أن تخوض معركتها بجدارة، وجزء من هذه الجدارة أن تبدو على ما هي عليه الآن، وهي قادرة قدرة كاملةً، على أن تمنع أيّ تفصيل من تفاصيل الفوضى، بمستواها الأهليّ، ممّا حصل في درعا وفي السويداء، والتي يمكن أن تحصل مستقبلاً، لكن هذه المؤسّسات تخوض معركتها بطريقتها الصحيحة، وتدرك جيّداً تفاصيل هذه المعركة، وهي لا تريد أن تقع في فخّ واجبها ودورها الدستوريّ، كون أن هناك من يترصّدها ويدفعها كي تستعمل فائض قوّتها في مواجهة أيّ تجمّع أهليّ، ولو كان مسلّحاً، وهو ما حصل بالضبط، خلال العدوان على مبنى محافظة السويداء، فقد كان من يترصّد ويتمنى أن تستعمل هذه الأجهزة قوتها، في مواجهة من قام بهذا العدوان، كي تستثمر في مواقف ومشاعر الناس، وتدفعهم لمواجهة دولتهم!!..
-تذكّروا جيّداً..
لو أنّ مؤسّسات الدولة التي خاضت معركتها في درعا، ومنذ مطلع الأحداث فيها، لم تعتمد أسلوبها الذي استعملته، في تظهير حقيقة الحاصل، من خلال إصغائها للناس، وفهم مطالبهم، ولولا أنّها لم تمنحهم فرصة التعبير عن ذاتهم، ولولا أنّنا لم نُمنَح نحن هذه الفرصة، في متابعة وفهم ما كان يحصل..
صدّقوني..
لو لم يحصل كلّ ذلك، من قبل هذه المؤسّسات، لما كنّا لندافع عن الدولة الآن!!..
-“يا سامعين الصّوت”!!..
أين العمّال، أين الفلّاحون، أين الكتّاب، أين الفنّانون، أين الصّحفيّون أين الأطباء أين المعلّمون أين المهندسون أين المهنيّون أين الحرفيّون.. أليس هذا هو مجتمعنا الأهليُّ والمدنيُّ، لماذا لا يخرج هؤلاء كي يعبّروا عن حقيقة السويداء، وموقف السويداء، في وجه من يحاولون أن يجرّوا السويداء من رقبتها، إلى مسلخ الحريق والخراب؟!!..
-“يا سامعين الصّوت”!!..
تذكّروا جميعاً، أنّ ما يفصلنا عن بعضنا في هذا الوطن العزيز والغالي، ليس تقسيماً جغرافيّاً مناطقيّاً، وليس تقسيماً طبقيّاً أو قبليّاً أو عائليّاً أو دينيّاً أو مذهبيّاً أو عقائديّاً، وإنّما هو تقسيمٌ إداريٌّ صرفٌ، فكلُّ المحافظات السّوريّة هي محافظاتٌ إداريّة على خارطة الدولة، هكذا يقول الدستور، وهكذا يؤكّد القانون، وأيّ معنى غير هذا المعنى، أو شعورٍ غير هذا الشّعور، إنّما هي حساباتٌ لا تختلف كثيراً، عن أهداف مشروع العدوان علينا، وعن أهداف مشروع الفوضى التي عصفت فينا، وما زال أصحابها يحاولون أن يهزمونا في أكثر من عنوان آخر!!..
-حمى الله السّويداء وأهلها، وحمى الله درعا وأهلها، وحمى الله جميع المحافظات السوريّة وأهلها، وحمى الله السوريّين جميعاً، في الداخل والخارج، لأنّ المستهدفين من السوريّين بهذا المشروع من الفوضى، ليسوا هم الذين في الداخل فقط، وإنّما جميع أهلنا في الداخل وفي الخارج، فهم جميعاً مستهدفون بهذا العدوان وهذه الفوضى!!..
#خالد_العبّود..
Discussion about this post