الاستقالة والقراءات الخفية
لعل استقالة الوزير جورج قرداحي تمثل انتصارا للموقف السعودي بنظر البعض
وهذا ماسيحاول اعلام ال سعود واتباعه المبالغة بالاحتفال به
لكن الحقيقة غير ذلك
لو صدر قرار من الرئاسة اللبنانية او رئاسة الحكومة باعفاء قرداحي لربما نستطيع القول ان اقالته تمثل موقف الحكومة من تصريحه
لكن عدم تطرق الرئاسة ورئاسة الحكومة لموضوع اقالة الوزير يحمل ضمنا رضا او باقل تعبير عدم رفض الحكومة للتصريح الصاعق
هذا من جهة
ومن جهة ثانية ان تأت الاستقالة بناء على طلب مبطن من الوسيط الفرنسي لارضاء النظام السعودي واستحابة قرداحي تحت عنوان الدفع للحلحلة الدبلوماسية فهذا يؤكد حجم تأثير التصريح على الموقف الدولي تجاه الحرب على اليمن ويؤكد هشاشة موقف التحالف
من جهة ثالثة فان تفضيل قرداحي تقديم استقالته على تراجعه عن التصريح او تقديم اعتذار يؤكد ثبات الرجل على موقفه وعدم قبوله التراجع عنه
وهذا بحد ذاته طعنه سياسية في العمق السعودي وليس انتصارا لهم بل انتصار للقرداحي
من ناحية اخرى في الميزان الاقتصادي السياسي بعد اعلان الجمهورية الاسلامية استعدادها لشراء كل ماكان يصدر من لبنان للسعودية نقدا وبالعملة الصعبة وعدم قبول الحكومة اللبنانية العميقة بهذا الاقتراح الذهبي يؤكد ان ارتباطهم وسعيهم للعلاقة مع السعودية لاتحكمه مصلحة لبنان بل تتحكم به مصالحهم الشخصية واهوائهم وميولهم الانتمائية وليس مصلحة بلدهم
كما يؤكد ان السعودية لاتمثل جارة او دولة صديقة للبنان بل هي فعلا كما وصفت على لسان مسؤولين لبنانيين بانها تقوم بدور الزوج ..
من زاوية اخرى
ان استقالة قرداحي ستمنح حزب الله وحركة امل فرصة اكبر للتمسك بعزل او باقل تقدير تحديد صلاحيات المحقق في قضية انفجار الميناء
وهذا امر يضعف موقف ازلام ال سعود في لبنان ويقوي موقع المقاومين
كذلك فان استقالة قرداحي تعني ابعاده عن الكرسي الحكومي لكنها لا تستطيع محو موقفه او اقصائه عن الرأي العام او عن الدور الاعلامي الرسالي
فببساطة شديدة فان قيام قرداحي بتأسيس موقع اعلامي الكتروني او قناة تلفزيونية سيجعل منه خصما مؤثرا على توصيف الموقف السعودي وقادر على المجابهة اعلاميا و نشر موقفه الذي تبناه واصر عليه في تصريحه حول الاعتداء على اليمن
اضف الى ذلك موقفه المعلن حول سوريا والعراق ولبنان فان هذه الاستقاله تعني بشكل او باخر تحويل قرداحي الى منبر اعلامي يضاف الى المنابر العالمية الفاعلة والداعمة لمحور المقاومة
اخيرا وليس اخرا
فان استقالة القرداحي كاستجابة لاملاءات فرنسية ودولية على الحكومة اللبنانية سيحجب ثقة الوزراء والنواب بالحكومة ضمنيا لانهم اصبحوا على يقين ان الحكومة غير مستعدة لحمايتهم وغير قادرة على ذلك
النقطة المهمة والورقة الخفية ستكون بالوزير البديل وشروط القبول به والتوافق عليه وموقفه من الحدث وهذا بحد ذاته سيخلط الكثير من اوراق اللعب
بطبيعة الحال
حادثة الوزير قرداحي تذكرنا بحادثة السفير السوري في الاردن اللواء الراحل بهجت سليمان
وشتان بين دوله قطعت علاقاتها لسنوات مع دولة اخرى حفاظا ودفاعا عن سفيرها وسحبته وابقت على هيبته ومكانته كرمز مدافع عن بلده سوريا
وبين دولة وحكومة تطالب وزيرها بالاستقالة لارضاء دولة اخرى رغم معرفتها يقينا ان وزيرها على حق
ختاما
من يظن ان استقاله قرداحي تعني اسدال الستار على الازمة الدبلوماسية اللبنانية السعودية واهم جدا
استقالة قرداحي هي اعلان بدء مراسم انهاء الحفلة التنكرية ونزع الاقنعة
والايام القليلة القادمة ستكشف الكثير
د.دحام الطه
Discussion about this post