سيف القدس نقطة فارقة في القضية الفلسطينية
رولا حسنين
في حياة القضية الفلسطينية يمكن اعتماد أحداث تاريخية كفواصل لها ما قبلها ولها ما بعدها، ونحن في عام 2021 كانت معركة سيف القدس مفصل سياسي عسكري تاريخي يٌبنى عليه استرتيجية التعامل مع الاحتلال، سيّما وأن التطبيع يزداد مع أنظمة الدول العربية، الأمر الذي أقنع الفلسطنيي أنه وحده في مجابهة الاحتلال.
شكلت معركة سيف القدس صدمة للمجتمع الصهيوني بالتحديد ولحكومتهم بالتعميم، من حيث التوقيت واستراتيجية خوض المعركة وأسباب اندلاعها، فنستطيع أن نقول أنها أول معركة تقرر المقاومة خوضها وتشعل فتيلها في دفاعها عن حيّ الشيخ جراح المهدد بالمصادرة وطرد سكانه الفلسطينيين منه لصالح نشاطات استيطانية.
بالتأكيد كانت المقاومة في غزة تمتلك أوراق القوة في الضغط على الاحتلال بشكل مستمر من خلال تطوير نشاطها وقدراتها العسكرية ومواصلة أسر جنود الاحتلال إلا أن قضية الشيخ جراح حرّكت المياه التي كنّا نعتقد أنها راكدة. ولم تعد المقاومة ترد على نطاق الاعتداء على غزة، إنما على كل الوطن كما في ثأرها للشهيد محمد أبو خضير ابن القدس، فهي بسيف القدس أيضاً أثبتت معادلتها بأن الوطن لا يجزّء، وأن المعارك التي تُخاض لأجل القدس وباسم القدس منتصرة لا محالة.
خلال سيف القدس، عمدت الوساطات الدولية على الحديث مع أطراف المقاومة لإنهاء المعركة والقبول بإعلان وقف إطلاق النار، ما يعني أن القرار السياسي والعسكري في تلك الفترة كان بيد قوات المقاومة وليست للمستوى الرسمي المتمثل في منظمة تحرير وسلطة فلسطينية، بالتالي نلحظ بصورة مباشرة الاعتراف بشرعية المقاومة الفلسطينية على المستوى العالمي والإقليمي والشعبي، بما معناه أن أي خيار يتعلق بالقضية الفلسطينية بوصلة نقاشه تكون مع المقاومة الفلسطينية، الأمر الذي شكل عزلة نسبية لدولة الاحتلال لدى الدول العظمى تتمثل في مراجعة الاتفاقيات والمعاهدات البينيّة أهمها الاتفاقيات الاقتصادية، إذا كان ضرب المقاومة لمشروع تمار “الغاز الاستراتيجي” عدة مرات، رسالة للدول أن دولة الاحتلال ليست المكان الآمن لتجارتكم، وأن شلّ الحركة في العاصمة السياسية لهم “تل أبيب” يكون بقرار من المقاومة فقط إيذاناً بالقصف.
ما يرعب المجتمع الصهيوني أنه بات يفهم “هشاشة منظومته الأمنية” القصف من غزة وعمليات نوعية فردية في الضفة، وقبة حديدية استجداها الاحتلال لصدّ الصواريخ أثبتت فشلها وخسارتها الاقتادية باهظة الثمن، تل أبيب تُغلق بتوقيت المقاومة، مسيرة الأعلام تُلغى عنوة، النزول عند رأي المقاومة في التحركات على أرض الواقع وخشية اندلاع حرب تكشف عن مزيد من التطورات على سلاح المقاومة، كل هذا جعل الاحتلال يعيش حالة رعب كبرى، استنتجوه من كلام الناطرق باسم كتائب القسام أبو عبيدة “المقاومة جهّزت نفسها لقصف تل أبيب لستة أشهر بشكلٍ مستمرٍّ” وأجبر حكومة تنتياهو حينها على وقف المعركة والإقرار بالهزيمة ولو داخلياً.
نستنتج أن الاحتلال يتخوف من تعاظم قدرات المقاومة الفلسطينية في غزة لأنها لم تعد تصدّ العدوّ عن غزة المحاصرة فحسب، بعد انسحابهم الإجباري عام 2005 منها تحت ضربات الصواريخ البدائية، بل باتت هي صاحبة القرار فيما يتعلق بحياة الفلسيطيني والانتهاكات التي يتعرض لها يومياً على يد الاحتلال ومستوطنوه.
على نقيض الخوف في المجتمع الاستعماري، وجدنا الإسناد والدعم الشعبي الكبير للمقاومة في غزة، الأقاويل والإغان يوالسهرات الشبابية الي تمجّد المقاومة وتدعوها لردع الاحتلال، وكذلك عوائل الشهداء الذين باتوا متأكدين أن حقوق ضحاياهم لا يستردها سوى المقاومة، وأهالي الأسرى لا يستنجدون إلا بالمقاومة في سبيل تحرير أسراهم وهم الذين عهدوا عليها الصدق في القول والاخلاص في العمل والتضحية لأجل فلسطين كل فلسطين.
Discussion about this post