اتهامات جديدة وجهها رئيس مجلس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك لفلول نظام البشير بأنهم يقفون وراء الاضطرابات الأخيرة في البلاد سواء كانت سياسية أم اقتصادية، تزامنت مع دعوات ومبادرات أطلقتها الحكومة تتحدث عن مصالحات مجتمعية، فما المقصود من وراء تلك التصريحات الآن؟
يرى مراقبون أن معاودة رئيس مجلس الوزراء بالحديث عن فلول النظام البائد وأنهم وراء الأحداث الأخيرة في البلاد والتي تمثلت في تجدد الصراعات في بعض المناطق، تهدف في حقيقتها إلى التغطية على الفشل الحكومي وعدم القدرة على حل مشاكل البلاد المتصاعدة، لذا هم يريدون إقناع الشارع بأنهم ليسوا سببا في المعاناة التي يعيشها، في الوقت ذاته قوى الثورة أعلنت مرارا أنها تفهم اللعبة جيدا، وأن أمورا سوف تحدث ولن يستمر الوضع طويلا بتلك الحالة.
بداية يقول أمين عام مؤتمر الكنابي السوداني، الدكتور جعفر محمدين: “في تقديري أن النظام السابق لا يزال موجود بكل إمكانياته والذي جثم على صدر الشعب السوداني لأكثر من 30 عاما، ومن المستحيل إنهاء ثلاثين عام تحت نير تلك السلطة في عامين أو ثلاث”.
سيولة أمنية
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، “في اعتقادي أن هناك سيولة أمنية في أطراف البلاد وحتى في العاصمة الخرطوم، لذا على مجلس الوزراء أن يجعل كل الأجهزة الأمنية على أهبة الاستعداد من أجل تأمين المواطن والدولة ككل، حيث لا يزال النظام البائد يتربص بالثورة ومكوناتها”.
وأشار أمين مؤتمر الكنابي إلى أن “الآلية الوطنية التي شكلتها الحكومة السودانية جاءت في وقتها من أجل وحدة الصف الثوري لمختلف القوى، صحيح أن هناك خلافات كبيرة جدا تضرب الحرية والتغيير،علاوة على الاختلاف في وجهات النظر، لكن تلك التباينات جميعها تهدف إلى تحقيق أهداف الثورة، أما فلول النظام البائد فلم يتركوا فرصة للفتنة أو الانقضاض على الثورة إلا وتم استغلالها”.
مسؤولية تاريخية
ودعا محمدين، قوى الثورة والحرية والتغيير والذين يقفون الآن أمام مسؤولية تاريخية أمام الشعب في ظل المنعطف الخطير الذي يمر به السودان، لذا فإن المبادرة والآلية التي أطلقها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك هى طوق النجاة والفرصة الأخيرة أمام الشعب للالتفاف حول كل قوى الثورة من أجل إخراج البلاد من الضيق الاقتصادي والإشكاليات الاجتماعية والسياسية التي تهدد استقرار البلاد، حيث شملت الآلية عدة بنود على رأسها الإصلاح الأمني والعسكري والأزمة الاقتصادية وعدالة ملف سلام جوبا، لأن هناك حركات لم توقع بعد ولا تزال الاتصالات جارية معها، كجيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، كما أن هناك إعلان مبادىء مع الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو.
المصالحة أفضل
وحول الأفضل للسودان في تلك المرحلة، هل هو المواجهة أم المصالحة المجتمعية قال محمدين: “من وجهة نظري أن المصالحة أفضل من أجل إخراج البلاد من براثن التخلف والصراع، لأن هناك الكثير من أتباع النظام السابق لم يتورطوا في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ولم يرفعوا السلاح”.
فشل حكومي
من جانبه أكد المحلل السياسي السوداني بكري المدني أن “الحكومة الحالية بقيادة عبد الله حمدوك فشلت تماما في تحقيق أهداف ومهام الثورة، التي من بينها تحقيق السلام والحرية والعدالة، هذا بجانب المطالب الحياتية للشعب السوداني”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات على الثورة تردت الأوضاع بصورة كبيرة في البلاد على كافة المستويات، وخاصة ما يتعلق بالمعيشة والخدمات والأمن”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “الحكومة الانتقالية الحالية تحاول استحضار النظام السابق في المشهد الحالي من أجل التغطية على فشلها واخفاقها في تحقيق أي من بنود الثورة، والحديث عن فلول النظام السابق والدولة العميقة وتحميلهم فشلها، لكن الشعب الآن على درجة من الوعي بحيث يفرقون بين الاتهام والاحتيال الحكومي”.
كان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك قد أكد أن العديد من الاضطرابات التي حدثت مؤخرا يقف خلفها عناصر من فلول النظام البائد، وذلك خلال مناقشة المجلس أمس الثلاثاء الأوضاع الأمنية بالسودان، وتلقى المجلس تقريرا حول الوضع الأمني قدمه وزير الداخلية الفريق أول شرطة عزالدين الشيخ، بحضور ممثلي النائب العام وجهاز المخابرات العامة، وخلصت التقارير ونقاشات أعضاء مجلس الوزراء إلى أن السمة العامة للعديد من اﻷنشطة والاضطرابات التي حدثت مؤخرا يقف خلفها عناصر من فلول النظام البائد، حيث تسعى في مجملها لإعاقة المرحلة الانتقالية في إطار مساعيهم لإفشال الثورة والانقضاض عليها بحسب “أ.ش.أ”.
وشدد المجلس خلال اجتماعه على أن الحكومة الانتقالية وأجهزتها المختلفة لن تسمح بحدوث ذلك الأمر، وستتعامل معه بالحسم القانوني اللازم، محذرة كل من يفكر في ترويع أمن المواطنين من أنه سيجد الردع بالقانون، وأنه لا تهاون في هذا الأمر مطلقا، مؤكدا على دعم لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران 1989 واسترداد اﻷموال العامة، ومساعدتها في إكمال مهامها في تفكيك المؤسسات والواجهات الممولة ﻷنشطة النظام البائد، وحظر كل أنشطة الحزب المحلول وواجهاته وإجهاض مخططاتهم في إشعال الفتنة والتخريب بغرض تقويض الانتقال وإعاقة مسار الثورة.
كما جدد المجلس دعوته لكل قوى الثورة للعمل سويا وتوحيد الصف من أجل إكمال مسيرة ثورة ديسمبر/كانون أول، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني المشروعة في الحرية والسلام والعدالة، وتجاوز الخلافات والتصدي بكل حزم وعزم لمحاوﻻت النظام البائد ومساعيه الخبيثة لإجهاض ثورة ديسمبر.
ومنذ 21 أغسطس/ آب من العام 2019، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، قائدة الحراك الشعبي والجبهة الثورية التي تضم عدد من الحركات المسلحة بعد توقيعها اتفاق السلام مع الحكومة السودانية في جوبا.
Discussion about this post