غالب قنديل
ذكرت تقارير صحافية أن أمين سرّ الفاتيكان للعلاقات مع الدول، المطران بولا غالاغر، تناول في لقاءات كنسية وسياسية عقدها في بيروت، أثناء زيارته لها الشهر الماضي، مسألة الموقف من حزب الله وعلاقاته المحلية والإقليمية، بطريقة جديدة في النظر إلى الوضع اللبناني وعلاقات الفاتيكان مع القوى السياسية اللبنانية، وتفتح الباب أمام نوع مختلف من الحوار مع الحزب.
هذه البادرة تعكس واقعية وعقلانية الفاتيكان في التعامل مع الوضع اللبناني ومجرياته رغم المعلوم عن كثافة الضغط الغربي والصهيوني لاعتراض هذا التوجه وعرقلته. ودائما أحاط الفاتيكان مثل هذه المواقف بحيوية الحوار والانفتاح في تأصيل الإخاء وشراكة العيش وروابط المحبة والتواصل الأخوي العميق بين اللبنانيين.
مضمون التصريحات وتفاصيلها حول الدور الإيجابي البناء لحزب الله يبدو معبّرا في التوقيت. فقد نوه بصورة خاصة بخطوات حزب الله المساهمة في الإنقاذ من الانهيار الاقتصادي والمالي وبدور، ومساهمات حزب الله في إعمار لبنان. والفاتيكان يعرف عن كثب شواهد تضحيات الحزب ومجاهديه لحماية المسيحيين والدفاع عنهم في وجه عصابات الإرهاب التكفيري، وكانت معلولا هي الشاهد.
طبعا، يقرّر الفاتيكان واقعا يعرفه الكثير من اللبنانيين ويقرّون به ويقدرونه ويحترمونه، وهم يعرفون الوقائع الصارخة والشواهد النافرة. ولايقلل من ذلك كلّه إنكار البعض وتنكّرهم، وهم طيف عابر للطوائف، كمثل نسيج القوى والأوساط الشعبية والسياسية الحاضنة للمقاومة وحزبها المبادر المضحي في شتى المجالات والميادين وصاحب المبادرات البناءة في سبيل وطنه وشعبه، وهو المثال في التضحية والإيثار.
بالطبع، نتوقع أصداء سلبية لهذه التصريحات في دوائر صهيونية وأميركية وأوروبية، وللأسف لبنانية وعربية، عُرفت جميعا بعدائها للمقاومة وحزبها من موقع التعاطف والترابط والتناغم مع الكيان الصهيوني، الذي وقعت عليه الصدمة الفاتيكانية، فخلفت القلق والذهول والخرس.
المؤسف أن يكون بعض شركاء الوطن في خَبَل وعمى ومتاهة حقد وعداوة، فلا يرتقون إلى الحدّ الأدنى من الموضوعية والمسؤولية، التي أظهرها الفاتيكان في النظر الى الوضع اللبناني ودور الحزب البناء. في حين يتمترس بعض الأطراف في خنادق العداء والتنكيل والتآمر والتحريض لاسترضاء الأميركي ودول الغرب وبعض حكومات المنطقة، التي تسير في ركابه، وتدور في فلكه ذليلة صاغرة.
بعض التداعيات والتردّدات اللبنانية، التي ظهرت مشوبة بخليط من بلاهة وانخلاع وعجز عن الفهم والمواكبة، تعكس قصورا مزمنا ومتأصّلا بقوة، وهي لا تضعف وهج المبادرات وصداها، بل تعمّق ارتياح اللبنانيين للموقف الفاتيكاني النبيل، الذي يستحق كل الشكر والتقدير.
Discussion about this post