كتب د. سليم الخراط
إسرائيل في مهب الريح ..
كيف ينظر الإسرائيليون لإيران اليوم ..
لماذا اليوم محور المقاومة همهم وشاغلهم ..
كيف يفكرون .. ماذا يعدون ..
ماذ نستفيد ويهمنا من الكلام حتما هو المهم والاهم ، فهي خلاصة وضع الكيان الصهيوني اليوم ، وعلى المعنيين متابعة ما يرد وبدقة ففيه الكثير الكثير ، عن واقع وحقيقة الكيان الصهبوني ..
لذلك ؛ متابعتي وقراءاتي عن الكيان الصهيوني اوصلتني لبحث ما ورد عن “يسرائيل هيوم”، 3/12/2021 وهو ان القادم هو الحرب الإيرانية الأولى الحتمية ، وهو ما يتم الإيحاء اليه ، حيث كانت الصرخات تتعالى وهي على لسان نير بركات – عضو كنيست عن حزب الليكود الذي يشير محللا ومؤكدا لنظريته وتحليلاته ، ان القادم لن يكون من مصلحة اسرائيل على صعيد المنطقة والعالم ..
فهو يرى ويقول : ان هذه هذه الأيام تبدو هذياناً بالنسبة إلينا كيهود وكإسرائيليين ، إنها إيران الدولة التي تشكل للكيان الصهيوني بروبغندا مسرحياته واستجداءاته مع الغرب واميركا وحلفائه الجدد من عرب اليوم ، أن ايران محور الشر العالمي تسخر من العالم من جديد ، وأنه من الصعب للصهاينة أن يقفوا موقف المتفرج حيال السعي المهذب من طرف الولايات المتحدة وأوروبا للتوصل إلى اتفاق مع إيران ، حتى لو كان الثمن تعريض إسرائيل لخطر وجودي ،
فهم يجدون في واقع الهمس الذي يسمعوه في أوروبا بشأن إعطاء فرصة لإيران لاستنفاد المفاوضات ، والغموض الأميركي إزاء إسرائيل في كل ما يتعلق بهذه النقطة ، يشكل جرس إنذار للقدس وانتهاء حلم الدولة الصهيونية ، فرفع العقوبات عن اإيران سيؤدي إلى تدفُّق المليارات إلى صندوق الحرس الثوري من أجل الانتقال إلى دولة نووية ، وما لا يقل خطورة هو أنه سيشجع على القيام بعملية عسكرية متعددة الجبهات ضد إسرائيل ، فالحرب المقبلة التي ستنشب من الشمال لن تكون حرب لبنان الثالثة ، بل ستكون حرب إيران الأولى ، فالإيرانيون يخططون لمهاجمة إسرائيل من ست جبهات هي : لبنان ، وسورية ، وغزة ، والضفة الغربية ، ومن خلال جبهة يشارك فيها جزء من العرب في إسرائيل ، وصواريخ بعيدة المدى من إيران واليمن ، وهذه الحرب ستكون حرباً تقليدية ، لكنها غير بسيطة أبداً ..!! ..
لذلك يؤكد نير بكات عضو الكنيست الصهيوني عن حزب الليكود انه وحتى الآن فقد نجحت إيران في إقامة ما يطلق عليه من قبل الصهاينة محور شرّ إقليمي بواسطة أطواق من الفرق المسلحة حول دولة إسرائيل ، وهو ما نراه نحن محور المقاومة انتصار للمقاومة في مواجهة الشر نفسه ممثلا بالكيان الصهيوني وحلفائه في كل مكان من العالم ، فهو في كلامه ما يؤكد سياسة الواقع وتحقيق بداية نهاية للكيان الصهيوني أن إيران اليوم في ما وصلت إليه تخلق قتالاً مريحاً بالنسبة إليها ، بعيداً عن حدودها ، فهناك مئات الآلاف من الصواريخ الإيرانية منتشرة على الحدود القريبة من إسرائيل ، وهي تُستخدم من وقت إلى آخر بما يتلاءم مع مصالح طهران ، فنموذج العمل الإيراني هو بناء منظومة أمنية على غرار محور المقاومة من حزب الله والجهاد الإسلامي والتنظيمات والقوى الأُخرى .
لذلك يقول انه قد حان الوقت لتغيير المعادلة ، فكل صاروخ يُطلَق من لبنان اليوم ، العنوان سيكون هو طهران ، وعليه فقد انتهت أيام حصانة الإيرانيين ويجب عليهم أن يدفعوا الثمن ، داخلياً في طهران ، وفي كل مكان آخر ، وهو إنذار يحمل في طياته معالم سياسات الكيان الصهيوني والقادم من سيناريوهاته القذرة في حق المنطقة والعالم وايران تحديدا ، خاصة وأن الكيان الصهيوني اليوم وكما يعتقد انه اقوى من كل المراحل التي بدأت مع بداية تكوينه .
لذلك يجد نير بركات ، أن المحادثات التي تتم في ڤيينا لا تحكي كل قصة إيران ، فليس المقصود سلاحاً نووياً هنا أو هناك ، بل المقصود وكما يقول : دولة متعطشة إلى السيطرة على العالم من خلال محو ثقافة الغرب “نعم يعود بكلامه لاستجداء العواطف من الحلفاء” ومع الأسف، الغرب هو آخر مَن يفهم ذلك ، ليسقط رايه الاخير عل الغرب مذكرا ان اسرائيل ما وجدت الا لحماية وخندقه الاول في مواجهة العرب والاسلام ، واليوم كل ذلك اصبح ممثلا بدولة ايران الاسلامية .
لذلك توجه نير بركات عضو حزب الليكود في الكنيست الصهيوني بالقول : أنا بصفتي الشخصية والرسمية ، وكمواطن إسرائيلي ، لا يمكن أن أقف موقف المتفرج ، سأذهب غداً إلى الولايات المتحدة ، وسأحاول إيقاظ واشنطن ، سأقوم بحملة دعائية سألتقي خلالها نواباً في مجلس النواب والشيوخ وقادة رأي وصحافيين ، كل واحد منا يجب أن يجنّد كل ما لديه للتأثير ، فالفرصة توشك على النفاد بسرعة ، فإسرائيل في خطر حقيقي وليس وهما ولا خيال ..
لذلك يجب أن نتحدث عن الجيش الاسرائيلي ، وهذا الحديث لن يكون سهلاً ، ولكن على لسان الصهيوني عوفر شيلاح – عضو كنيست سابق وهو يقول ما مفاده انه ، عندما يُطلب من ضباط رفيعي المستوى في الجيش الدفاع عن عمل أو عن تقصير ما في الجيش ، هم يسارعون إلى التذكير بأن الجيش هو المؤسسة التي تحظى بالكثير من الاحترام في إسرائيل ، وهذا صحيح فعلاً، ففي كل استفتاء يُسأل فيه الجمهور عن مدى ثقته بمختلف المؤسسات يأتي الجيش في المرتبة الأولى ، قبل رئيس الدولة وجهاز القضاء ، وقبل الحكومة والكنيست ووسائل الإعلام بكثير ، وهذه الصورة لا تشكل مفاجأة ، بل المفاجأة لو كان الأمر مختلفاً ، وذلك لأسباب واضحة وهي : إن الجيش الإسرائيلي هو جيش الدفاع عن الدولة التي تعيش في صراع أمني منذ قيامها ؛ وانه هو جيش الشعب ، نحن الذين خدمنا فيه ، وأولادنا من بعدنا ، ونحن الذين نعطيه معظم الموارد بكل معنى الكلمة : الميزانية وشرعية العمل ، ونقدّر خدماته ، إلا ان التشكيك في قدرته أو في صدقية أعماله يوازي تقريباً التشكيك في صدقية حياتنا ومستقبلنا ،
فالثقة بالجيش لا تنبع ، طبعاً ، من فحص جذري لعملياته ، وفي الواقع ، عندما تسأل الجمهور عن نتائج العمليات العسكرية ، عملية “حارس الأسوار” على سبيل المثال ، فإن تقديره متوسط جداً ، لكن تبرير ذلك أن الجيش نفّذ ما طُلب منه ، وأن المستوى السياسي هو المذنب ..!! .
ويتابع يقول : كوني عالجت هذا الموضوع منذ عشرات الأعوام، أستطيع القول إن الجمهور الإسرائيلي يتهرب من نقاش حقيقي لقدرة الجيش وعملياته ، مقارنة بالموارد التي توظَّف فيه والتحديات الحقيقية التي يواجهها ،
حيث تظهر المسألة كسؤال الأم عن ابنها ،
لكن عندما نفحص الصورة في العمق نكتشف تصدعات ، وهي ما ينذر بالخطر القادم على اسرائيل .
فقد أظهرت استطلاعات متعددة أن الثقة بالجيش ليست هي فقط التي تراجعت – بعد أن اتضح ضلوع الجيش في مسائل الكورونا المتعددة ، بل انخفضت نسبة الثقة بالجيش 10% وهو ما صرح به والحقيقة اكثر من ذلك ، ودليله الهجرة المعاكسة للبعض ، وذلك ، بحسب المعهد الإسرائيلي للديمقراطية – بل إن هذه الثقة أيضاً محصورة فقط في الأداء العملاني للجيش ، المجال الذي نخاف من المس به ، وهو ما ينذر بالخطر القادم .
لذلك ، فعندما نسأل عن أمور أخرى ، من الصعب التصديق أن الجمهور يعتقد أن الجيش هو مؤسسة ناجعة ، وأنه فعلاً يلتزم بالقيم ، ويكيّف نفسه مع حاجات المرحلة ، لكن من جهة أُخرى ، يعتقد الجمهور أن عملياته ناجحة ، وهنا أعتقد أن هناك علاقة واضحة بين الأمور ، فالجمهور لم يصدق ، بصورة خاصة ، الكلام عن “نصر ساحق” في عملية “حارس الأسوار” ، والكتابات الدعائية عن “الحرب الرقمية الأولى” ، وتضخيم الضربة الاستراتيجية التي وُجهت إلى “حماس” في “تفجير المترو” ، الذي سرعان ما تبين أنه لم يؤدّ إلى مقتل أحد تقريباً .
لكن حقيقة الامر ان الجمهور لا يترجم هذه المواقف من خلال التعبير عن عدم ثقته بالقدرات العملاتية للجيش ، لكنه يعبّر عن شكوكه عندما نسأله ما إذا كان الجيش ناجعاً وملائماً لعصرنا ، فالرقم المهم الذي كشفه الاستطلاع الأخير لمعهد الديمقراطية هو أن أغلبية الجمهور اليهودي تؤيد إلغاء الخدمة الإلزامية ونموذج “جيش الشعب” ، والانتقال إلى جيش متطوعين – مرتزقة ، وهو ما يُطلق عليه عموماً “جيش محترف” ، وهذا الرقم مهم بالنسبة إلى إسرائيل لأن الجيش ، منذ أيام بن غوريون ، هو بوتقة الصهر ورمزها الأبرز ، وهذا الرقم مثير للدهشة بالنسبة إلى الجيش بحد ذاته ، لأنه إذا كان نموذج الخدمة فيه قد عفا عنه الزمن ، فما معنى ذلك بالنسبة إلى قدراته ..!! ،
فمَن لا يفهم أن هذا الرقم والأرقام الأُخرى التي تظهر في كل استطلاع هي تعبير عن أزمة ، فإنه يدفن رأسه في الرمل .. !! .
لذلك نتابع مع عميرام ليفين ، من الذين يحق لهم توجيه انتقادات قاسية إلى الجيش الصهيوني ، ليس فقط لأنه كان قائداً لفرقة سييرت متكال ، وقائد كتيبة مدرعة في حرب لبنان الأولى (1982) ، وقائد المنطقة الشمالية في الأعوام التي شهدت ذروة الحرب ضد حزب الله ، وكان أيضاً نائباً لرئيس الموساد ؛ وليس فقط لأنه جُرح 4 مرات ، وأصابته نيران العدو والنيران الخفية في حروب الجنرالات ، فليفين هو قائد نادر في الكيان الصهيوني ، وأهميته الأصلية لا تكمن في تشكيلِه وحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي ، بل في الأساس في توجيه جيل كامل من القادة الذين كبروا معه في أيام “الحرب من دون إشارة” [ المقصود المواجهات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في الحزام الأمني في لبنان ] .. .
حيث ينظر ليفين إلى الجيش ويرى مؤسسة تجد صعوبة في التوفيق بين الطريقة التي ترى فيها نفسها وبين ما يظهر فعلاً في المرآة ويبرز من حين إلى آخر في ساحة القتال أو في استطلاعات الرأي ، وهذا ليس ذنب الجيش وحده ، بل هو نتيجة أعوام كثيرة جداً لسياسيين شعروا بأنهم ضعفاء وليس لديهم شعبية مقارنة بالمؤسسة العسكرية ، وجزء منهم لا يتعمق فيها ، بل يكتفي بكليشيهات دعائية وبروبغندات ، مثل “أفضل سلاح جو في العالم” ، أو “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”، ولا يقوم هؤلاء بإجراء تقديرات ولا نقاشات لمسائل عميقة تتعلق بالجيش .
لذلك :
انظروا بأي سهولة وسرعة اتُّخذت مؤخراً قرارات بالمليارات لها أهمية كبيرة في موضوع تقاعُد الجيش النظامي ورواتب الجنود النظاميين [مؤخراً اتُّخذ قرار بزيادة هذه الرواتب 50%] .
انظروا إلى الحرج الذي يشعر به الجيش في موضوع قواته البرية ، التي هي أساس القوة العسكرية إجمالاً التي يتحدثون عنها منذ عشرين عاماً من دون أن يحدث شيء .
لذلك يجب علينا أن نتحدث عن الجيش ، قبل 23 عاماً حيث عُيّن شاوول موفاز قائداً للجيش ، وكان من أفضل رؤساء الأركان ، ولدى تسلُّمه منصبه قال موفاز : “آمل أن أكون رئيس أركان السلام” ، وخلال عامين وجد نفسه غارقاً في الحرب ، في أي سيناريو معقول ، حتى لو كان جريئاً سياسياً ، سيبقى الصراع وإسرائيل بحاجة إلى جيش …
يجب أن نتحدث عن الجيش ، لأن الحكومات والمجالس الوزارية لن تصلح الوضع ، فليس لديهم الشجاعة ولا المعرفة ، يضيف ؛ عندما كنت رئيساً للجنة المتفرعة من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست لشؤون العقيدة الأمنية وبناء القوة ، قدمنا تقريراً من 70 صفحة عن خطة رئاسة الأركان المتعددة السنوات “جدعون” ، وجرى وضعه بتعاون وثيق بين اللجنة وبين الجيش وبموافقة رئيس الأركان آنذاك غادي أيزنكوت ، في الجيش قرأوه بإمعان ، ونائب رئيس الأركان آنذاك أفيف كوخافي الذي أصبح رئيساً للأركان اليوم شكّل طواقم لتحقيقه ، عضو واحد من المجلس الوزاري المصغر طلب مني مناقشته هو يوآف غالانت ، وهو اليوم رئيس المعارضة ، وأشك في أن الآخرين ، بينهم رئيس الحكومة الحالي، قرأوه .
الحقيقة اليوم ان أغلبية الجمهور الإسرائيلي مع انتهاج موقف هجومي حيال تعاظُم القوة العسكرية لحزب الله ، والتمركز الإيراني في سورية، واستفزازات “حماس” ..!! ، هذه المواقف يمكن أن تؤدي إلى حرب ، فمنذ 40 عاماً لم تنشب حرب هنا بقرار ، بل دائماً نتيجة تدهور لم يرغب فيه أحد الطرفين ، وإذا حدثت حرب هنا في الشمال ، فإنها ستكون مختلفة عن تلك التي نعرفها ، فدولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي بصورة خاصة يجب أن يكونا مستعدين لهذه الحرب ، حيث سيواجه الجيش في الأعوام المقبلة تحديات ضخمة في اليد العاملة ، وفي توزيع الموارد وإعداد خطط فعلية ومهمة في مواجهة التحديات القريبة والبعيدة ، وهو غير قادر على القيام بذلك إذا لم نتحدث كلنا عنها ، إذا واصلنا القول انطلاقاً من الخوف ، وليس انطلاقاً من معرفة أن كل شيء سيكون بخير ، وأن القيادة تدرك ماذا تفعل ، فيُعتبر ذلك جريمة بحق الجيش وبحق أنفسنا ..!!؟؟
هذا هو الكيان الصهيوني ، وهذا وضعه وحاله ، فاين نحن اليوم في الاستعداد لمواجهة ما يتم العمل على اعداده وانجازه لمواجهة محور مقاومتنا ، تحت شتى الشعارات التي تطلق ، فحقيقة الامر تقول :
محور المقاومة جاهز لأي مواجهة كانت على كافة الاصعدة ، وان إيران كدولة اسلامية عظمى اليوم تثبت جدارتها في كونها راس حربة المقاومة وداعمها الاستراتيجي والمعنوي والمادي ، وان اليمن رغم بعده حاضرا في جسد المقاومة ، وان الفصائل فقط عليها ان تعود ليكتمل المشهد ، وتتحقق حقيقة ختام المواجهات مع الكيان الصهيوني المحتل الغاصب ، وتعود فلسطين حرة ، ويعود شعب فلسطين كل فلسطين لفلسطين ، فمن هنا نقرأ ، نفهم ، نصل ، ونعلم حجم عدونا ، واين هو اليوم وماذا ينتظر كيف يفكر ..!! فعلائم هزيمة الكيان الصهيوني مقبلة ومتسارعة ، وعلينا العمل على إزكائها والاستفادة منها في تحقيق الانتصار النهائي ، فحينها يكون الاحترام مفروضا من قبل العالم علينا ، فلا يفل الحديد إلا الحديد ، ولا مكان للضعيف بين الاقوياء ، فعلينا ان نكون اقوياء ونصنع القوة من المحال ، وهو ما نواجهه من التحدي اليوم ، لكننا سننتصر .. .
د.سليم الخراط
دمشق اليوم الجمعة ١٠ كانون الاول ٢.٢١.
Discussion about this post