*بريطانيا واستغلالها للشعوب*
*(الحلقة الأولى) – حروب بريطانيا وتجنيد مستعمراتها*
*د. يوسف الحاضري*
*كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية*
ان المتتبع لتاريخ بريطانيا العسكري عبر التاريخ وخاصة الخمس مائة سنة الاخيرة سيجد ان ماضيها لا يختلف عن حاضرها في امور عدة لعل أهمها :-
– معارك بريطانيا ضد الشعوب بأبناء الشعوب نفسها
– الإتجار بالبشر سابقا وبأعضاء البشر حاليا
– استنساخ دول أخرى في مناطق اخرى لتقوم بمهمتها الإستعمارية ومسخ الهوية
وسنتحدث عن كل نقطة في مقال منفصل وسنبدأ بمقال حروب بريطانيا بجيوش ليست بريطانيا .
طالما قرأنا كتبا تاريخية وشاهدنا افلاما وثائقية وتمثيلية عن حروب بريطانيا عبر التاريخ وخاصة في القرون الخمسة الاخيرة يجد انها لا تدخل حروبا مباشرة مع اي وطن او امة الا وقد اتخذت عدة اعتبارات مسبقة لهذا الغزو ومن اهم هذه الإعتبارات تجهيز جيشا كبيرا لا ينتمون الى بريطانيا بل يكونون من دول أخرى غزتها سابقا سواء في اوروبا وحروبها الاوروبية كحروبها ضد فرنسا والبرتغال واسبانيا وأيضا او من أفريقيا خاصة في توسعها الإستعماري للأراضي الجديدة التي أكتشفها غيرها من البحارة البرتغال والاسبان كما هو حال الأمريكيتين وما حصل فيها أو من آسياء خاصة الهند وحروبها في بقية العالم لذلك نجدها تحرك جيوشا ضخمة هائلة الى محارق الحروب دون ان تأبه بهم بل ان الامر وصل في بعض الأحيان الى ان تقوم بإبادة الجيشين كاملين (جيش عدوها وجيشها من الدول الاخرى) عندما يشتبكون لتضمن ابادة الجيش الاخر ودون ان تعير من قاتل تحت رايتها اي اعتبار او اهتمام فهي تدرك انهم لا ينتمون الى أمتها وسوف يجندون غيرهم من هذه المناطق التي ستحتلها او من التي احتلتها .
في ١٦٧٢م وفي عهد ملك بريطانيا تشالرز الثاني قام بتأسيس الشركة الملكية الافريقية لتجارة وبيع العبيد وكان هدفها بجانب الإتجار بهم ايضا الحروب بهم خاصة في الأمريكيتين فأستغلت عسكريا وتجاريا حوالي ثلاثة مليون ونصف المليون افريقي من ذوي البشرة السوداء خلال الفترة (١٦٧٢ الى ١٨٠٧) اي بواقع ٢٦ ألف شخص سنويا بما يساوي (٢٥٠٠) كل شهر في رقم كبير جدا يعكس مدى البشاعة والإجرام البريطاني في استغلال الشعوب الاخرى والنظرة الخبيثة التي يقيسون بها الآخرين ضمن مقاييس اليهود انفسهم الذين يرون ان بقية الشعوب هي لخدمتها ولرفاهيتها فتجسد في هذه المملكة هذه الرؤية تجسيدا عمليا من منطلق ان الذي يديرها وادارها هم اليهود الصهاينة ومن منظور آخر هم الماسونية .
في عهد جورج الخامس ملك بريطانيا وفي خضم الحرب العالمية الاولى تحركت بريطانيا لتحتل عاصمة تركيا في تلك الفترة وبالتحديد في فبراير ١٩١٥م فشنت حملة عسكرية كبيرة بجيش قوامه نصف مليون (٤٠٠الف بريطاني و١٠٠الف من جنسيات اخرى كأسترالي نيوزلندي وهندي وكندي وهذه دول كانت ضمن مستعمرات بريطانيا) في معركة تسمى (غاليبو) فكانت تزج بالجيش من الدول الاخرى في المعارك الحامية الوطيس خاصة التي تجد انها لن تنتصر فيها الا بزخم عسكري كبير فقتل من هذا الجيش ٥٥ ألف كان من الجيش البريطاني فقط ١٣ الف والبقية كانوا من البلدان الاخرى عوضا عن الجرحى ٫ ولم يحصل قتلى في جيشها الا بعد ان زجت بجيش الدول المستعمرة لها وانتصروا في لحظة ما من المعركة فأزاحتهم وتقدم جيشها فحصل هناك إلتفاف من الجيش التركي فقتل من البريطانيين هذا الرقم والا ماكنا سنجد قتلى منهم بل من الدول الاخرى.
الجيش البريطاني هو من أهش واضعف الجيوش على الإطلاق فلا يدخل معركة الا بجيوش مستعمراته حيث لا يبالي ان يقدم بعد كل رجل واحد يتم قتله من الطرف الاخر عشرة من جيشه ولهذا طالما نقرأ ونسمع عن ضخامة هذا الجيش في المعارك التي يخوضها والتي تفوق الجيش الاخر بعشرات الاضعاف وهذا يعكس اولا مدى جبنه وخوفه وهشاشته وثانيا يعكس مدى استنجاده بالمستعمرات التي كان يحكمها والا كان قد انقرضت هذه الدولة لو كانت تقاتل بجيشها الوطني نسبة لطول مدة استعمارها للعالم وايضا كثرة المعارك التي خاضتها .
أيضا استطاعت بريطانيا ان تحتل فلسطين وتنتزعها من الحكم التركي بجيش مصري الذي كانت مصر تقبع تحت الإحتلال البريطاني في العشرية الاولى من القرن الماضي واحتلت جنوب اليمن في ١٨٢٨ عبر جيش من الهنود الذين ايضا استخدمتهم في حروبها ضد فرنسا في الفترة السابقة لهذه الفترة بل ان الامر لا يقتصر هنا بل انها تستخدمهم في معاركها الداخلية لاخماد اي انتفاضة ضدها تنشأ في مستعمراتها فجيشها الهندي والجنوب افريقي والاوغندي وغيرها من المستعمرات هي من كانت تستند عليهم في المواجهات لأنها تدرك خطورة ان تعرض مواطنيها الاصليين لخطر القتل في مثل هذه المواجهات وهكذا عاشت هذه الدولة الإستعمارية في حروبها ٫ فتنهب الثروات الوطنية على ظهور الشعوب الاخرى .
اما في حاضرنا الحالي فهي لم تختلف كثيرا عما كانت عليه في السابق سواء عبرها مباشرة (بريطانيا) او صورتها المستنسخة الاخرى (امريكا) والذي سنفرد له مقالا منفصلا ٫ فهي ايضا قاتلت وتقاتل بجيوش الدول الاخرى ففي اليمن مثلا الحرب التي شنت عليها ومازالت منذ ٢٦مارس٢٠١٥م هي حرب بريطانية امريكية بإمتياز ولكننا لم نجد أي امريكي او بريطاني قد سقط قتيلا في المعارك (بإستثناء القتلى الذين يسقطون في ضربات الجيش اليمني الصاروخية لمعسكراتهم البعيدة والتي يتم التحفظ عليهم واخفاء المعلومات) غير ان القتلى معظمهم مرتزقة يمنيين يدعون انهم جيش اليمن الوطني او من المرتزقة السودانيين التي تعتبر مستعمرة بريطانية امريكية مثلها مثل بقية الدول العربية او من الجيوش السعودية والبحرينية والإماراتية ولكن بشكل اقل وعندما يحصل انتصار لهم هنا او هناك يتم ازاحة هذه الجيوش التي ضحت بالآلاف منها ويتصدرون هم المشهد الانتصاري امام وسائل الاعلام وامام العالم ويتصدرون هم المشهد الاداري الحاكم لتلك المنطقة وينهبون هم الثروات التي حظوا بها من هذا الانتصار كما هو حال المناطق الجنوبية في اليمن .
لم يقتصر الامر على المناطق التي حصلت فيها معارك ضد الجيش واللجان الشعبية اليمنية كما هو حال عدن ولحج مثلا بل ان الامر وصل الى المناطق التي لم يحصل فيها اي معارك كمحافظتي حضرموت والمهرة حيث تواجدت بريطانيا فيها وازاحت تماما من اطلقت عليها الشرعية واضعة لهم تحت الإقامة الجبرية في اقذر فنادق الرياض والقاهرة واسطنبول وبدات تنشأ المعسكرات التدريبية الخاصة بها والتي سوف تجند مقاتلين من دول مستعمره لها وعلى راسها اليمن ودول الخليج والسودان وبعض الدول الافريقية لتواصل عملياتها العسكرية الاستعمارية سواء في اليمن او في اي منطقة تحتاجهم في ذلك عوضا عن المصالح الجغرافية والاقتصادية التي سوف تجنيها من احتلالها لهذه المحافظات اليمنية رغم انها تتحدث عن سيادة اليمن تحت مسمى الشرعية وتتحرك تحت هذه العباءة ولكنها تدرك تماما ان العالم اجمع يدرك ويعي هذه المهزلة عوضا عن ادراك اهل اليمن لها ولكنها تستند دائما ايضا على تسلطها على مجلس الامن واصدارها القرارات التي تدعم تحركها (وهذا جانب من مقالاتنا القادمة) .
تطور التحرك البريطاني في استغلالها للشعوب الاخرى في حروبها الى ان تستغل ايضا ثرواتهم ليس في الانفاق على هذه الجيوش والتي تحتاج اموالا هائلة بل في مبيعات اسلحتها لهذه الجيوش اي انها لم تعد هي من تجهز هذه الجيوش وتمدهم بالاسلحة والدعم اللوجستي الاخر الذي يحتاج مئات المليارات من الدولارات بل تترك هذه المهمة على مستعمراتها الغنية كمستعمرات السعودية والإمارات والبحرين وغيرها وايضا توسع نهبها لثروات هذه الاوطان الى ان تبيع لها الاسلحة والمواقف الدولية بالمال حتى وان كانت هذه الجيوش تخوض حروبا لصالحها فتضمن نهب الثروات العالمية لاقصى حد يمكنها ذلك فيظهر اكثر بشاعة هذه المملكة ومن ينطوي تحتها من دول كامريكا والكيان الصهيوني تاريخيا وحاليا.
بعد وضوح الرؤية الكاملة عن بشاعة هذه المملكة يبقى من المهم ان تكون الشعوب اكثر وعيا وإدراكا وتحركا بهذه الخطورة التي ينتج عنها استغلال الارض(ثروات) والبشر (جيوشا) لمصلحة هذه المملكة الاجرامية الخبيثة في الارض وان يدركوا تمام الادراك واجباتهم ومسئولياتهم في التصدي لمشاريعها واهدافها فالتراجع والخوف من مواجهتها ستجعلهم يتقدمون كقرابين فداء لهذه الدولة في معاركها ضد الآخرين دون ان يكون لهم اي قيمة او رقما في اعتباراتهم واهتماماتهم وان يكون للتحرك اليمني خاصة في المناطق المتحررة من هذا الاستعمار بقيادة جماعة انصار الله قدوة واسوة ومنهجية في التحرك السليم والسديد ضد الهيمنة البريطانية الامريكية فهي المنهجية الأمثل والاسلم وما دونها فهي مجرد محاولات ستبوء بالفشل.
Discussion about this post