ويعتقد معدو الدراسة الحديثة أن “غاز الضحك” المسمى بأكسيد النيتروز قد يعالج الاكتئاب بشكل فعال، وذلك وفقا لنتائج تجربة سريرية صغيرة من المرحلة الثانية، نُشرت أمس الأربعاء في مجلة “Science Translational Medicine”.
وكشفت الدراسة أنه لا يستجيب ما يصل إلى 30% من الأشخاص المصابين باضطراب اكتئابي كبير للعلاجات النموذجية، ما يترك نسبة كبيرة من المرضى بحاجة إلى خيارات علاجية جديدة، وبدأت الأمور بالنسبة لهؤلاء المرضى في التحول في عام 2019، عندما وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على علاج للاكتئاب المقاوم للعلاج يعتمد على الكيتامين المخدر.
ويكمن السر وراء فعالية الكيتامين المخدر في أنه يمنع مستقبلات “N-methyl-D-aspartate” في الدماغ، والتي تم ربطها باضطراب الاكتئاب الشديد، فيما تعمل مضادات الاكتئاب التقليدية على مستقبلات السيروتونين في الدماغ.
ويعتقد مؤلف مشارك في الدراسة الجديدة، الدكتور بيتر ناجيل، وهو أستاذ الطب النفسي وعلم الأعصاب السلوكي ورئيس قسم التخدير والرعاية الحرجة في كلية الطب النفسي بجامعة شيكاغو الأمريكية أن أكسيد النيتروز “غاز الضحك” يعمل بنفس طريقة عمل الكيتامين المخدر.
وتوسعت الدراسة الجديدة في تجربة سابقة لإثبات وجهة نظرها، والتي أظهرت أن استنشاق 50% من أكسيد النيتروز – الكمية المستخدمة عادة لإدارة الألم أثناء الإجراءات الطبية – قلل من أعراض الاكتئاب لدى الأشخاص الذين كانوا يقاومون العلاجات الأخرى.
وأراد ناجيل والمؤلفون المشاركون الآخرون في الدراسة معرفة ما إذا كانت هذه التأثيرات طويلة الأمد، وكذلك ما إذا كانت جرعة أقل من أكسيد النيتروز يمكن أن تؤدي إلى نفس النتائج مع آثار جانبية أقل.
وشملت الدراسة الطبية 24 مشاركا فيها، وكان أكثر من 70% منهم من النساء، و96% من البيض، وجميعهم عانوا من اكتئاب مقاوم للعلاج، واستكمل 20 مشاركا منهم التجربة العلاجية الكاملة، والتي تضمنت تلقيهم جرعتين (بتركيزات 25% و50%) من أكسيد النيتروز وعقار وهمي بترتيب عشوائي على مدى ثلاثة أشهر، واستغرقت كل جلسة ساعة واحدة.
ووفقا لأحد المقاييس الثلاثة للاكتئاب المستخدمة لقياس تقدم المرضى، فيبدو أن الجرعة المنخفضة من أكسيد النيتروز لها تأثير مماثل للجرعة الأعلى، ولكن مع آثار جانبية أقل، والتي تشمل عادة الصداع والغثيان والوخز، كما بينت الدراسة أن التأثيرات استمرت لمدة تصل إلى أسبوعين لدى بعض المرضى.
ورغم النتائج السابقة، فإن الدراسة بعيدة كل البعد عن أن تكون نهائية، إذ يوضح رافي داس، وهو باحث علم الأدوية النفسية بجامعة كوليدج لندن: “العائق الرئيسي هو أنها دراسة صغيرة جدا”، لكنه أكد أن “التجربة الجديدة تضيف إلى مجموعة واعدة من أبحاث الاكتئاب”.
وتابع:
“ما أود أن أراه هو مقارنة غاز أكسيد النيتروز مع الكيتامين المخدر، وإذا حصلوا على تأثيرات مماثلة، فسوف أستخدم أكسيد النيتروز في كل مرة”، مشيرًا إلى أن كلا العقارين رخيصان ويمكن تناولهما بسهولة.
فيما شدد بيتر ناجيل على أن الخطوة التالية هي أن يقوم مع فريقه العملي بأجراء تجربة أكبر تشمل مئات المرضى، موضحا: “نحن بحاجة إلى التأكد من أنها تعمل وأن نفهم أيضا سبب عدم نجاحها في بعض المرضى”.
وعن تأثير “غاز الضحك” في علاج الاكتئاب، يقول ناجيل: “شيء ما يحدث في الدماغ مثل تحول ما، لكن كيف يعمل هذا، لا أحد يعلم “.
Discussion about this post