تمثل التماثيل الثلاثة التي عثر عليها في بلدة الكفر بريف السويداء الجنوبي والموجودة في المتحف الوطني بدمشق جزءاً من الإرث الأثري في منطقة جنوب سورية والذي يقدم صورة عن المكانة المرموقة التي كانت تتمتع بها طبقة الكتبة أو الكتاب خلال العصر الروماني وهي الطبقة التي تمتعت بقسط كبير من الاحترام في حضارات الشرق القديم.
و في تصريح لسانا ذكر رئيس دائرة آثار السويداء الدكتور نشأت كيوانإلى أن تماثيل الكفر الثلاثة المتشابهة في الهيئة والطراز والتي ترجع إلى فترة الولاية العربية الرومانية لأشخاص يجلسون مع مخطوطة أو كتاب فوق الركبتين يندرج ضمن إطار الوظيفة الجنائزية أو النذرية لافتاً إلى أن النص الكتابي على أحد المخطوطات الذي يظهر المعنى الجنائزي للشخص الممثل يمكن أن يضعهم جميعاً ضمن السياق الجنائزي الروماني .
ويبين كيوان أن التماثيل الثلاثة المنحوتة من البازلت والتي تعود للقرن الثاني الميلادي أو نهايته أرخت لمعطيات كثيرة أهمها الطابع اليوناني الروماني في أشكالهم من حيث تكوين الرؤءوس والشعر والوضعية الرومانية حيث يجلس الكتاب على كراسي مطوية وهذه الوضعية في بعض الأحيان إنما تدل على أشخاص لهم مكانة اجتماعية مرموقة كالحكام مثلاً أو الفرسان مشيراً إلى أن مظهرهم يبين أنهم يرتدون طرازاً من الألبسة تتميز بأطراف أرجوانية اللون محبوكة ومزخرفة بشكل جميل.
وأوضح أن هذه التماثيل تظهر الأهمية البالغة لطبقة الكتاب في المجتمعات القديمة لافتاً إلى أن نصوصا من تل مرديخ في إيبلا ونصوص تل أبو الصلابيخ في العراق قرب مدينة الديوانية قدمت لنا معلومات تستحق الاهتمام والدراسة عن تعاون ثقافي واضح فيما بين سكان المنطقتين حيث كان يقوم بعض كتبة بلاد الرافدين بالمكوث في العراق ستة أشهر وفي إيبلا ستة أشهر أخرى من أجل الاطلاع على الثقافات المختلفة وبالعكس بالنسبة لكتاب إيبلا وبالتالي زيادة أكبر في المخزون الثقافي لكل كاتب .
وأضاف أن الباحث ليمبكه وعند دراسته لنماذج تماثيل الكفر أكد أن موضوع الرجال الجالسين وهم يحملون مخطوطاً أو كتاباً بين أيديهم ليس موضوعاً رومانياً بل هو تمثيل ذو أصول مصرية حيث أن أمنحوتب مهندس الإهرامات حسب الروايات المصرية كان سيداً للكتاب وصور وهو يجلس على كرسي مخروطي ممسكاً صحيفة مفتوحة من البردي عليها نقوش هيروغليفة.
وتعود تسمية بلدة الكفر إلى أصول سريانية وتعني الأرض البعيدة عن الناس حيث تحتوي على آثار مساكن وحصون في موقع تل الظهير تاريخها ينسب إلى العصر الحجري النحاسي 5000 إلى 1200 قبل الميلاد إضافة إلى آثار نبطية في تل القليب وآثار رومانية ويونانية وإسلامية مختلفة تدل على عراقة هذه المنطقة وكذلك كانت فيها كنيستان الأولى تعود لعام 391 م والثانية لعام 692 م باسم كنيسة القديس جورج .
Discussion about this post