خص السيد كارلوس رويث ميغيل أستاذ القانون الدستوري بجامعة سنتياغو دي كومبوستيل موقع الصحراء الغربية 24 ،بمقابلة استعرض فيها مجموعة من العناصر والأفكار ذات الصلة بالقضية الصحراوية وذلك بصفته باحثا مهتما في الشؤون القانونية الدولية ولكونه على اطلاع تام بمجريات الملف الصحراوي وتشعباته دوليا واقليميا.. نسوقها على المنوال التالي:
الصحراء الغربية 24: في البداية نود معرفة متى وكيف بدأتم تهتمون بالقضية الصحراوية؟
السيد كارلوس رويث :لقد بدأت بحوثي الأولى حول القضية الصحراوية عندما درست في المركز العالي للدراسات للدفاع الوطني. ومن أجل الحصول على الدبلوم أجريت بحثا عن الصحراء الغربية وهو مصدر كتابي “الصحراء الغربية وإسبانيا: التاريخ، السياسة و القانون.” تحليل نقدي للسياسة الخارجية الإسبانية ، ديكينسون ، مدريد ، 1995. منذ ذلك الحين وحتى اليوم تطبيقيا ودون انقطاع واصلت دراسة هذه القضية.
الصحراء الغربية 24:كيف تقيمون إدارة الأمم المتحدة وبعثتها في الصحراء الغربية (مينورسو) خلال تواجدها بالمنطقة لمدة ثلاثة عقود ؟
السيد كارلوس رويث : هناك القليل من الأصوات المدافعة عن هذا التدبير ؛والعديد منها يميل إلى استبعادها تمامًا.وأنا لدي حكم أكثر دقة. فبخصوص تعريف القانون الدولي المطبق في الصحراء الغربية ؛ فإن الأمم المتحدة قد قامت بعمل مستحق بشكل عام ولو أنه كان من الممكن تعديه إلى أبعد من ذلك. فعلى سبيل المثال لا مبرر لصمت الأمم المتحدة بشأن الاتفاقيات التجارية المغربية التي تتضمن الصحراء الغربية علما بأنه من الواضح أن تلك الاتفاقات تنتهك القواعد العامة التي أقرتها الجمعية العامة والمتعلقة بالأنشطة الاقتصادية في “الأقاليم غير المستقلة ذاتيا” ، و الجمعية العامة لم تجرؤ على إدانة انتهاكات تلك القواعد خاصة في الشق المتعلق بالصحراء الغربية .إن ما يحدث مع بعثة المينورسو مطابق أيضا؛ والتي أعتقد أنها تستحق حكمًا أكثر دقة مما تتلقاه عادة . صحيح أن بعثة المينورسو لم تجر الاستفتاء ، لكنها على الأقل و رغم كل الصعوبات استطاعت إجراء الإحصاء السكاني ؛لكنها بالتحديد بعد الإنتهاء منه أقدم المغرب على عرقلة الاستفتاء بالتواطؤ مع شخصين من حضن الأمم المتحدة : كوفي عنان (الأمين العام آنذاك) وويليام إيغلتون من الولايات المتحدة (الممثل الخاص بالصحراء الغربية ورئيس بعثة المينورسو من 21 مايو 1999 إلى نوفمبر 2001 )، ومن المحتمل أن هناك مسؤولين غيرهما ضمن قوى عظمى ، لكن المسؤولية الرئسية تقع على اولئك في الأمم المتحدة ، والمتمثلة في شل خطة التسوية بعدما أنهت بعثة المينورسو التعداد السكاني الخاص بالاستفتاء في كانون الأول / ديسمبر 1999.
الصحراء الغربية 24:ما هي برأيكم الأسس القانونية التي تقوم عليها القضية الصحراوية؟
السيد كارلوس رويث : إنه ليس متعلقا برأيي الشخصي ؛ بل بما أقرته أعلى هيئة قانونية دولية في العالم : محكمة العدل الدولية . فالقانون الذي يؤطر مسألة الصحراء الغربية هو القرار 1514 ، المؤرخ 14 كانون الأول (ديسمبر) 1960 ، والذي يتضمن “الإعلان المتعلق بإستقلال الدول والشعوب المستعمرة ” . بناءً على هذا الإعلان الذي يعتبر الأساس القانوني النهائي ، حيث تدخل حيز التنفيذ مبادئ وقواعد قانونية أخرى . إن هذا الإعلان ضروري لنفهم أننا أمام نزاع متعلق بتصفية الإستعمار مما يعني وجوب تسويته من خلال منح الاستقلال للصحراء الغربية، أو عبر تنظيم استفتاء لتقرير المصير حتى يتسنى لشعب الصحراء الغربية الاختيار بين الاستقلال، أو أي وضع قانوني آخر ؛ والذي قد يتلخص في الاندماج في أراضي دولة أخرى أو عبر إقامة دولة بحالة إرتباط معين.
الصحراء الغربية 24: كيف يمكن للمغرب أن ينتهك حقوق الإنسان بشكل صارخ ، وينهب ثروات الصحراويين، ويفلت من العقاب دون مطالبته باحترام القانون الدولي؟
السيد كارلوس رويث : إن هذا الأمر لا يمكن فهمه بمعزل عن القانون الدولي بوصفه قانونا “غير كامل” ؛ كما يتعذر تطبيقه من طرف نفس الهيئة المعلنة عنه . إن القانون الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة أو معاهدات حقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب ولأجل تطبيقه بدقة ؛ يحتاج إلى إشراف وضغط مجلس الأمن . وإذا كان مجلس الأمن لا يريد أو لا يستطيع فرضه ؛ فإن انتهاكات القانون الدولي ستظل بدون عقاب.
ربما قد لا يرغب أو يعجز مجلس الأمن عن فرض الامتثال للقانون ، وقد لا تحذوه الرغبة في ذلك خاصة إذا كانت من بين أعضائه أغلبية من حلفاء المغرب أو عرابيه ، أو دول لا تود فرض احترام القانون ؛ لكن يبدو أنه عاجز حيال هذا الموضوع على الرغم من وجود أغلبية من الدول الساعية لفرض تطبيقه فضلا عن الإمكانية المتاحة للأعضاء الخمسة الدائمي العضوية الذين يمتلكون ما من شأنه تقويض كل مسعى للإحترام .
الصحراء الغربية 24: ألا تستطيع إسبانيا كقوة إدارية لعب دورً أكثر فاعلية توافقًا مع الشرعية الدولية؟ وما المانع من ذلك؟
السيد كارلوس رويث : بالطبع بإمكانها ذلك ودون أدنى شك . يكفي فقط أن نرى ما فعلته قوى إدارية أخرى في حالات مماثلة. حيث تعد البرتغال أوضح وأقرب نموذج لذلك .
الصحراء الغربية 24: فما هو المانع ياترى ؟
السيد كارلوس رويث : إن ما يمنعه حسب ما يتضح لي وفي المقام الأول ، الحضور النشط لـ “لوبي” مؤيد للمغرب في جميع مجالات صنع القرار الإسباني والذي كان له تأثير كارثي ليس فقط على شعب الصحراء الغربية ؛ ولكن أيضًا على إسبانيا نفسها . ثانيًا وجود قادة إسبان يخضعون لنفوذ قوى أجنبية ، خاصة فرنسا ، والولايات المتحدة جزئيًا . ثالثًا ، الخوف من الإشارة إلى المغرب كمسؤول عن أخطر هجوم إرهابي في تاريخ إسبانيا والذي غير جذريًا السياسة الداخلية والخارجية لإسبانيا: ال11 مارس
الصحراء الغربية 24: كيف تتصورون دور دولة صحراوية ديمقراطية بحدود معترف بها دولياً في منطقة الصحراء الغربية؟
السيد كارلوس رويث : لاشك أن هذه الدولة الديمقراطية الصحراوية ستلعب دورًا واضحًا في تحقيق التوازن ؛ ولا داعي لأي إجهاد لتمثل هذا . ولا ريب سيكون دورًا مماثلا للدور للذي تلعبه موريتانيا في الكثير من النواحي. إن من شأن قيام دولة صحراوية ديمقراطية أن يقلل إلى حد كبير من التوترات الحدودية في شمال غرب إفريقيا ، كما سيمثل سدا منيعا أمام تهريب الحشيش وتمويل الجماعات الإرهابية ، وسيساهم أيضا في السيطرة على موجات الهجرة غير الشرعية
الصحراء الغربية 24:كيف تقيمون الوضع الحالي في الصحراء الغربية؟
السيد كارلوس رويث :إنها حالة تنذر بالخطر الكبير والحيرة .فلقد أدى العدوان المغربي على المدنيين في الكركرات في نوفمبر 2020 و “إعلان” ترامب “سيادة” المغرب على الصحراء الغربية إلى زعزعة خطيرة لاستقرار المنطقة وقد كان هذا الموقف بمثابة هدية من الولايات المتحدة للمغرب تنم عن ازدراء مطلق للشعب الصحراوي ، بل إنه عرض جميع الدول الأخرى في المنطقة للخطر: إسبانيا والجزائر وموريتانيا.
إن تطور الأحداث سيعتمد ليس فقط على وجود الشعب الصحراوي ذاته ؛ وإنما حتى على وجود موريتانيا نفسها و التي لا ننسى أنها كانت محط مطالبة كأرض “مغربية” بعد حصولها على استقلالها عبر استخدام نفس حجج الإدعاء للمطالبة كذلك بالصحراء الغربية.
–الصحراء الغربية 24: السيد كارلوس هل من كلمة أخيرة؟
السيد كارلوس رويث : أعتقد بوجوب الموضوعية تجاه إسبانيا . صحيح أن حكومة خائنة لم تف بالتزاماتها ؛ ولكن ليس أقل صحة منه أن الحكومة الإسبانية بالضبط قد ساهمت في دفع محكمة العدل الدولية عام 1975 إلى الإعتراف بحق شعب الصحراء الغربية.. ومثله أيضا ؛ و من باب الإنصاف بقدرما نقر بمساهمات إيجابية لإسبانيا لابد من تسجيل بعض المآخذ لجهات أخرى مهتمة بالملف .. دون إغفال النجاحات المحققة … ومن البديهي أنه اعتماداً على التاريخ الموضوعي يمكننا استخلاص الدروس الصحيحة استشرافا .
Discussion about this post